السلام عليكم ورحمه اللهلو سألتك عزيزي الرياضي ما هي الرياضة؟! 
ما المقصود بهذه الكلمة؟! أعلم أن (جميعنا) ليس لديه تعريف «جاهز» لهذا سيلجأ إلى
«عفس» و«مخمخة» و«فهلوة»مخه، لعله يخرج له إجابة، ستتكاثر، وتتداخل، وتتبدل، وتكحكح، ومن ثم ستعترف لنفسها - على الأقل - أنها.. لا تعرف!.
ولا لوم، أي أحد منا نحن الرياضيين السعوديين، فلا المدرسة ومناهجها عرفتنا بذلك، ولا إعلامنا وفر ذلك، ولا حتى الكتيبات والنشرات واللوائح والأنظمة الرياضية المتوافرة لدينا،
أو المعنية بالنشاط الرياضي السعودي.. قدمت التعريف، والإجابة الجاهزة لنا!.
وهذا (الغياب) لتعريف الرياضة، وتحديد «مفهومها» أظنه يشكل أهم «إشكاليات الرياضة السعودية» ممارسة ومعاملة، قيمة وأهمية.
فهي (السبب) الكبير، والأول في وجود وتواجد الممارسة والمنافسة غير الصحية والصحيحة وغير عادلة وموضوعية.
وهذا الأمر ما يمثله في أرض الواقع ما نطلق عليه بـ (التعصب) الرياضي..
شديد الولع والتعلق بالتشجيع الرياضي الذي يقلب الرياضة و(يعرفها) و(يتعامل معها)..
كقبيلة انتمائية تصوغ «ثقافته» و«وعيه» بمعنى ومعاني الرياضة - مع الأسف -.
والصورة الأخرى لـ (التعصب) وهو يقف في الضفة المضادة، (المحارب) للرياضة و(الرافض) لها.
وكلا الجانبين، اللذين يفرزهما (التعصب) ما كانا أن يكونا لو لا (غياب) تعريف الرياضة ومفهومها في النسيج الذهني والادراكي وثقافة ووعي الفرد والمجتمع.
ولهذا تجد أن هناك خلطاً مستمراً وقائماً في وعي وثقافة الأفراد ما بين (الرياضة) و(اللعب) و(الترويح) و(النشاط) و(التربية البدنية) و(الحركة البدنية) و(اللياقة البدنية)..
إذاً، ما هي الرياضة؟!
وما مفهومها؟! وبالمناسبة المقصود بـ «مفهوم الرياضة» هو تحديداً: مبرر الوجود، والغاية من ذلك، والهدف المحققة به.
والإجابة، لا يجب أن تنتظروها مني، ولا من أي أحد آخر. لأن الذي (يجب) أن يقدم (التعريف) و(المفهوم) هو المجتمع بأكمله.
وبالتالي، فإن مؤسسات المجتمع الرسمية تقع على عاتقها مسؤولية فعل ذلك، وتعريف أفراد المجتمع به، من خلال دور المدرسة، الموكل لها مهمة ودور تعريف الفرد بنواميس الحياة وقيمها ومداركها ومعارفها،
وهي (أي المدرسة) التي تنسج النسيج الذهني والمعرفي والعقدي والحضاري للفرد، تهيئه لأن يكون فرداً صالحاً قادراً على المشاركة في الحياة والبناء والعطاء في مجتمع الجسد الواحد.
لا أود أن اسهب كثيراً، وقد سبق أن كتبت مقالات بحثية عديدة حول هذا الأمر الحيوي والضروري، وأعد الحريصين منكم في تداول «ثقافة الرياضة» من أن أكرر الكتابة والإضافة في هذا الجانب في مقالات قادمة.
سأكتفي - الآن - في تقليب صفحات ناصعة وثرية من تراثنا العربي الإسلامي، ستفرحون بقدرما ستتفاجأون من أن الأجداد الأوائل قد كانوا أكثر منا نضوجاً، وعلماً، ومعرفة بالرياضة. بل انهم أصحاب نهضة رياضية تفوق ما لدينا الآن،
لقد (كنا) أكثر مجتمعات التاريخ عناية بالرياضة وممارسة لها، وابتكاراً لصنوفها، نقدمها لحضارات الإنسانية، التي ما زالت إلى حاضرنا الراهن تلعبها وتمارسها..
وتصدرها لنا بمقاييسها الغربية الحديثة ككرة القدم، اليد، التنس، المبارزة، الرماية، المصارعة، الجمباز، الجولف، السباق، حمل الأثقال، البولينج، البولو، والكريكت، وغيرها كثير..
لقد ورثنا أسلافنا الأوائل مكتبة رياضية عامرة، مملوءة بمؤلفاتهم عن الرياضة في كل جوانبها البدنية والحركية والعلاجية والنفسية والأخلاقية والتنافسية والتربوية والاجتماعية.
فابن رشد مثلاً، ساهم مساهمة جلية في ذلك وبالذات في تأسيس علم الحركة والتربية البدنية وتحديداً في ما اطلق عليه بـ (حركة الأعضاء لإرادة ما) حيث قسم الرياضة إلى (نوعية وكلية)،
كما أن ابن النفيس قد صنف في كتابه الهام (الموجز) الحركة والسكون البدني. وكذلك ابن سينا الذي حدد (أنواع الرياضة) في كتابه (القانون)، ونفس الأمر بالنسبة لابن مسكويه،
والحسن بن العباس والإمام السيوطي، وابن القيم، والغزالي وغيرهم كثير.. كثير اهتموا بكل ما له علاقة بالرياضة، للكبار وللأطفال، للفرد وللجماعة.
وحتى دقائق وجزئيات المواضيع الرياضية تناولوها وتطرقوا لها، كآلية التنفس للرياضي، والاحماء الرياضي قبل الممارسة، وإصابات الرياضية، والميكانيكية الحيوية،
ووزن الجسم، وحركة المقذوفات في الهواء، والنضج النفسي، والشعار الرياضي والتميمة الرياضة والملابس الرياضية، والنبض الرياضي، والتدريب الرياضي... إلخ.
اختم، على أن أواصل غداً، مزيداً من التعرف على علاقة أجدادنا الأوائل بالرياضة وكيف عرفوها وتعاملوا معها، ساختم بمقولة للإمام الشافعي يقول
(كان همي في شيئين، الرمي والعلم، فصرت في الرمي بحيث أصيب من عشرة عشرة). تأملوا مقولة الإمام الفقيه الكبير وتدبروها ستكتشفوا أن هذا الرجل العظيم، لديه «تعريف» محدد للرياضة، ولديه وعي بـ «مفهوم الرياضة» ينسج علاقته وموقفه مع الرياضة..
يا خسارة.. إذا كان صحيحاً، ما نشرته الصحافة الرياضية من أن اللجنة الرئيسة للحكام سوف ترفع (شكوى) ضد المعلق الرياضي البكر. فإن ذلك مؤشر خطير، يؤكد ضمن ما يؤكده غياب الوعي والمعرفة بـ «مفهوم الرياضة» ومعاني وعائها الحاضن لدى المسؤولين عن اللجنة.
فالنقد مباح في مجال الرياضة، بل هو (عنصر) من عناصر تكوين الحدث الرياضي. فاللعبة الرياضية تتيح ممارسة ذلك، بل وشكلت وصاغت اطار ممارستها لاتاحة فرصة تحقيق ذلك،
أليس أي ملعب (لا بد) أن يضمن حيزه تواجد الجمهور المتفرج.. وهذا المتفرج (له حق) ابدأ موقفه مع الحدث تصفيقاً وتصفيراً وهتافاً، وصوتاً، وحثاً، واعتراضاً واعجاباً... إلخ.
و(المعلق) الرياضي، امتداد للمشاهد الرياضي، بل هو (عون) وفرته التقنية الحديثة لمزيد من استمتاع ومتابعة المشاهد للحدث/المباراة إذاعياً وتلفزيونياً.
و(المعلق) الرياضي، ما هو إلا متفرج ناضج وملم باللعبة الرياضية، ويمتلك الشروط لممارسة فن وشكل إعلامي حديث اسمه (التعليق الرياضي).
لا يجب أن يتعامل مع (المعلق الرياضي) إلا كإعلامي، وناقد، رياضي. وليس مذيعاً رسمياً تابعاً.. لا موقف له، ولا رأي.. بتاتاً.
إن مثل هذه (المصادرة).. هي عله من علل غياب ثقافة الرياضة، وافتقاد المنظومة الرياضية لوعي ومعرفة معنى الرياضة ومفهومها الراشد.
من حق البكر، وأي معلق، أن يبدي رأيه وتقييمه في الحكم، واللاعب، والمدرب، وكل عناصر اللعبة الرياضية، وهو رأي وموقف يمثله نفسه، يمثل ثقافته ومنهجه ووعيه يحسب له وعليه،
وهو ما يجعل من أية ناقد ذو قيمة واحترام ومصداقية، وما قد يجعل من الناقد مجرد حامل للقب لا قيمة ولا أهمية ولا تأثير له على كامل مدرج الرياضة..
النقطة الأكثر وضوحاً واستغراباً أين اللجنة الموقرة عمن يمارس حقاً ليس حقه، ويرتكب القذف والتشويه والإهانة بحق الحكم والتحكيم من إداريي أحد الأندية الصفراء بطريقة لم تعهدها الساحة الرياضية من قبل.
إداريو النادي (الغالي) ينتقدون ويطرحون رأياً وموقفاً - ولهم الحق في ذلك - ولكنهم يتجاوزون ذلك إلى تشكيك ونعوت ومقذوفات.. تمزق قيمة واحترام الحكم.. والتحكيم.. ولا دخل لها بالرأي والموقف.
لك الله يا بكر.. فأنت جدار قصير، ولا بشت ولا سكسوكة لك..!.
تعليق واحد ومفهوم واحد هو مفهوم الرياضةالرياضة هي ظاهرة إجتماعية تهدف إلى مقارنة القدرات الإنسانية في ما بينهامن أجل الإستعراض
موضوع: السلام عليكم ورحمه الله 
الخميس أكتوبر 01, 2009 12:33 pm
